ولد مصطفى العوجي سنة 1929 في صور، ولكنّه نشأ في حداثته في طرابلس حيث أكمل دراسته الثانوية في مدرسة البعثة الفرنسية لغاية نيله شهادة البكالوريا، ثم التحق بكليّة الحقوق الفرنسية في بيروت حيث نال الإجازة الفرنسية سنة 1950، ومن ثمّ الإجازة اللبنانية من الجامعة اللبنانيّة سنة 1951.
عُيِّن قاضيًا منفردًا في بيروت سنة 1952 في المحكمة الابتدائية، ولكن سرعان ما سنحت له الفرصة أن يلتحق بجامعة السوربون في باريس حيث نال شهادة الدكتوراه في الحقوق.
وبينما كان يتابع تخصّصه في العلوم الجنائية وفي القوانين المقارنة في الجامعة ذاتها، التحق بجامعة بروكسل في بلجيكا، فحصل على دبلوم في هذين الاختصاصين من كلا الجامعتين.
عند عودته إلى لبنان سنة 1955، عاود عمله كقاضٍ منفردٍ في بيروت، إلى أن عُيِّن مستشارًا لدى محكمة استئناف بيروت سنة 1959 وبقي يشغل هذا المنصب لغاية تعيينه مستشارًا لدى محكمة التمييز سنة 1969. خلال هذه الفترة، سافر إلى دالاس في الولايات المتحدة الأميركية لكي ينال دبلوم في القانون المقارن البريطاني-الأميركي سنة 1960.
بالرغم من كثافة نشاطه في هذه الحقبة، تسنّى له أن يلتقي بـ مارلين ويتزوّج منها، فكانت له السند الوفي طيلة حياته. وقد رُزقا بولدين، مروان عام 1964 ومنى عام 1968.
وفي سنة 1983، عُيِّن رئيسًا للغرفة المدنيّة السادسة في محكمة التمييز واستمرّ في إشغال هذا المنصب لغاية تقاعده من القضاء في الأوّل من شهر تموز 1997.
ولكن في السابع منه، انتخبه مجلس النوّاب اللبناني عضوًا في المجلس الدستوريّ وفي الخامس والعشرين من شهر آب من السنة ذاتها، انتُخِب من قِبَل أعضاء المجلس الدستوري نائبًا للرئيس ومارس مهامّه على ولايتين متتاليتين.
إلى جانب مهامّه في قصر العدل، تولّى التدريس بشكلٍ غير منقطع على مدى 48 سنة، فكان أستاذًا في القانون المدني والجنائي في كليّة الحقوق في الجامعة اللبنانية وكليّة الحقوق في الجامعة اليسوعيّة، وأيضًا في معهد القضاة. كما أنّه كان أستاذًا دائمًا في الدراسات العليا في العلوم الاجتماعيّة في جامعة بيروت العربيّة.
على الصعيد الدولي، عُيِّن سنة 1962 خبيرًا لدى الأمم المتحدة في الشؤون القضائية والجنائية، فكانت أولى مهامّه منصبًا استشاريًّا في جمهورية الداهومي في أفريقيا الغربية (دولة بنين حاليًّا) استمرت سنة كاملة قام خلالها بوضع أسس نظام قضائي خاصّ بالأحداث. وكذلك أسّس الخدمة الاجتماعية لدى المحاكم الجزائية، وأقام نظامًا للسجون وعقد عدّة دورات تدريبية لمفوّضي الشرطة حول العمل الشرطي المتفرغ إلى عمل وقائي من الجريمة وعمل ممهِّد في التحقيقات الجنائية وكذلك عقد عدّة دورات تدريبية للعاملين في حقل الخدمات الاجتماعية الخاصّة بالوقاية من الانحراف.
ومن ثمّ، في سنواتٍ لاحقة، كُلِّف مع فريق من الخبراء الدوليّين بمهامّ استشارية عبر العالم، فعقد حلقات دراسية في اسكندينافيا واليابان وأستراليا والصين وغيرها من البلدان، ولدى قسم العدالة الجنائية في الأمم المتحدة في فيينا.
سنة 1978، انْتُخب من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة عضوًا في لجنة الأمم المتحدة للوقاية من الجريمة والإدارة القضائية (نيويورك)، ثمّ عضوًا مؤسسًا سنة 1979 في مجلس إدارة المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب في الرياض في المملكة العربيّة السعوديّة (المعروف حاليًا بأكاديمية نايف العربيّة للعلوم الأمنيّة).
وفي عام 1989، قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي ذاته بتعيينه عضوًا في مجلس إدارة مركز الأمم المتحدة للبحوث القضائية والجنائية في روما. وقد انتدبه هذا المجلس لوضع وتنفيذ برنامج تأهيل اجتماعي للسجناء المصريّين خلال ثلاث سنوات، فأبصر النور سجن القطّا النموذجي شرقيّ مدينة القاهرة، مانحًا للمسجونين فرصة تعلّم مهنٍ مختلفة بغية انخراطهم في المجتمع بشكلٍ أفضل حالما يتمّ الإفراج عنهم.
مثّل لبنان في معظم المؤتمرات الدولية حول الوقاية من الجريمة والإدارة القضائية، وذلك باللغات العربيّة والفرنسيّة والإنكليزية. كما أنّه حاضر في جامعتي مونتريـال (كندا) وجامعة ماري لاند في الولايات المتّحدة حول مستويات التأهيل العلميّ لأفراد الشرطة.
عبر السنين، عُني بموضوعات الأمن الاجتماعي وارتباطه بالتربيّة والتأهيل الاجتماعي في المؤسسات العقابيّة والأحداث المنحرفين، والوقاية من الانحراف والمسؤولية الجنائية في المؤسسة الاقتصاديّة وحقوق الإنسان في الدعوى الجنائية.
لديه 16 مؤلفًا، وقد تميّزت كتاباته بالمنهجيّة العلميّة والتجرّد الموضوعي، واتّسمت بالنزعة الوطنيّة والإنسانيّة والحرص على التصدّي لمشكلات العصر.
رحل مصطفى العوجي عام 2012، محاطًا بعائلته عن عمر 83 سنة.