كُتِب عنه...
يكاد الطالب والمحامي والقاضي يبحر في شرح قانون العقوبات، من غير حاجة الى مجذاف أو نشر شراع، لأنّ مصطفى العوجي دبّج سطوره على شكل موجات عطوفة، تَسْلِمَك الواحدة الى رفيقتها بيسر وسهولة، لتجد نفسك في نهاية الرحلة راسيًا في ميناء المعرفة وبَرّ الأمان.
ولكنّك تعجب أنّ هذا العلاّمة في قانون العقوبات قد أمضى حياته قاضيًا مدنيًا، وحَبْرًا كبيرًا في القانون العقاري، ولقد رفض أن يكون عضوًا في المجلس العدلي، لأنّه لم يؤمن يومًا بعقوبة الإعدام، بل هو واحد من الأعلام الدوليّين في حقوق الإنسان، حيث اعتمدته منظمة الأمم المتحدة خبيرًا دوليًا في شؤون السجون وخبيرًا في القانون الدولي الجنائي وحماية الأحداث في العالم، ولقد سعت إليه المناصب التي شغلها ولم يسعَ وراءها حتى أنّ النوّاب الذين انتخبوه عضوًا في المجلس الدستوري لم يسمع واحد صوته أو يرى صورته ملتمسًا منه التأييد. لأنّ المجد عنده لا يرتقى بواسطة الكراسي، بل الكرسي يُشرَّف بمن يجلس عليه إذا كان من قماشة هذا الرجل المستقيم الذي آمن أنّه واحد من الناس يسير بينهم بغير استعلاء رغم ما اختزنه جسده النحيل من قيم عالية.
الأستاذ رشيد درباس (جريدة النهار – 22 نيسان 2012)